السبت، 5 سبتمبر 2015

1637 نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ( القلقشندي ) الباب الثالث خاتمة في ذكر أمور تتعلق بأحوال العرب وفيها خمسة فصول الفصل الأول في معرفة ديانات العرب قبل الاسلام وعلومهم



1637


نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب

( القلقشندي )

 الباب الثالث خاتمة في ذكر أمور تتعلق بأحوال العرب

وفيها خمسة فصول

 الفصل الأول في معرفة ديانات العرب قبل الاسلام وعلومهم

اما دياناتهم فكانت متباينة مختلفة فصنف منهم انكروا الخالق والبعث وقالوا بالطبع المحيي والدهر المفني وصنف اعترفوا بالخالق وانكروا البعث وصنف عبدوا أصنام قوم نوح اما انها هي بعينها واما انها ليست بأسمائها فكان لكلب ود ولهذيلسواع ومدلج ولقسم من اليمن يغوث ولذي كلاع نسر ولهمذان يعوق ولثقيف اللات ولقريششش وبني كنانة العزى وللاوس والخزرج مناة وكان هبل على ظهر الكعبة وهي أعظم اصنامهم واساف ونايلة على الصفا والمروة وكان منهم من يميل إلى الصابئة ويعتقد في أنواء المنازل العتقاد المنجمين في الكواكب السبعة السيارة ويعتقدون انها فعالة بأنفسها ويوقولن مطرنا بنوء الكواكب ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الجن وكان لهم أحكام يدينون بها جاءت الشريعة الاسلامية بابقاء بعضها وابطال بعض فكانوا يحجون البيت ويعتمرون ويحرمون ويطوفون ويسعون ويقفون المواقف ويرمون الجمار ويغتسلون من الجنابة ويديمون المضمضة والاستنشاق وفرق الرأس والسواك والاستنجاء وتقليم الاظفار ونتف الابط ولا ينكحون الامهات ولا البنات فجاء الاسلام بابقاء ذلك على وجه مخصوص وكانوا يعيبون المتزوج بأمرأة أبيه ويسمونه الضيزن ويقطعون يد السارق اليمنى وكانوا يجمعون بين الاختين فجاءت الشريعة بمنع ذلك وكانوا يعدون الظهار طلاقا وتعتد المرأة عن الوفاة بحول وكانوا اذا لبس عليهم أمر ردوه إلى كهنتهم وهم الذين لهم ابتاع من الجن يخدمونهم وكانوا يعولون على عيافة الطير وزجره في حركاتهم ومقاصدهم وهو أن يعتبر عند قصده بما يراه من الطير تارة باسمه وتارة بطيرانه يمينا أو شمالا وتارة بصوته ومقدار ما يصوت وتارة مسقطه الذي يسقط فيه وجاءت الشريعة بابطال ذلك‏.‏

أما علومهم‏:‏ فمنها علم الانساب والعلم بأنواء الكواكب والترايخ وتعبير الرؤيا وكان عندهم علم القيافة وأكثر ما كان في بني مدلج وقد تقدمت الاشارة اليه في حرف الميم وكان لهم معرفة بقص أثر الماشي في الرمل حتى يعلموا إلى اين ذهب وهو ضرب من القيافة إلى غير ذلك من العلوم التي درس أكثرها‏.‏

الواقعة بين قبائلهم وما ينجر إلى ذلك ومن لطف ما يحكى في ذلك ما حكاه ابن الكلبي قال‏:‏ قال كسرى للنعمان ابن المنذر هل في العرب قبيلة تشرف على قبيلة قال نعم‏:‏ قال فبأي شيء قال من كانت له ثلاثة آباء متوالية رؤساء ثم اتصل ذلك بكمال الرابع فالبيت من قبيلته فيه وتنسب اليه قال‏:‏ فاطلب ذلك فطلبه فلم يصبه الا في آل حذيفة بن بدر وآل حاجب بن زرارة وآل الاشعث بن قيس بن كندة فجمع الجميع ومن معهم من عشائرهم واقعد لهم الحكام والعدول‏.‏

وقال‏:‏ ليتكلم كل رجل منكم بمآثر قومه وليصدق فكان حذيفة بن بدر الفزاري أول متكلم وكان ألسن القوم فقال‏:‏ قد علمت العرب ان فينا الشرف الأقدم والعز الاعظم ومآثر الصنيع الأكرم فقال من حوله‏:‏ ولم ذلك يا أخا فزارة فقال‏:‏ ألسنا الدعائم التي لا ترام والعز الذي لا يضام قيل صدقت ثم قال شاعرهم‏:‏ فزارة بيت العز والعز فيهم فزارة قيسٍ حسب قيسٍ فضالها لها العزة القعساء والحسب الذي بناه لقيسٍ في القديم رجالها فهيهات قد أعيا القرون التي مضت مآثر قيسٍ مجدها وفعالها فإن يصلحوا يصلح لذاك جميعها وإن يفسدوا يفسد من الناس حالها ثم قام الاشعث بن قيس الكندي فقال‏:‏ قد علمت العرب أنا نقاتل عديدها الاكثر وزحفها الاكبر وانا لغياث الكربات ومعدن المركمات قالوا‏:‏ ولم يا أخا كندة‏.‏

قال لأنا ورثنا ملك كندة فاستظللنا بأفيائه وتقلدنا منكبه الاعظم وتوسطنا بحبوحه الاكبر ثم قام شاعرهم فقال‏:‏ إذا قست أبيات الرجال ببيتنا وجدت لنا فضلا على من يفاخر فمن قال كلا أو أتانا بخطةٍ ينافرنا فيها فنحن نخاطر تعالوا قفوا كي يعلم الناس أينا له الفضل فيما أورثته الاكابر ثم قال بسطام الشيباني فقال‏:‏ قد علمت العرب انا بناة بيتها الذي لا يزول ومغرس عزها الذي لا يحول قالوا ولم يا أخا شيبان‏.‏

قال‏:‏ لأنا ادركهم للثأر وأضربهم للملك الجبار وأقولهم للحكم وألدهم للخصم ثم قام شاعرهم فقال‏:‏ لعمري بسطام أحق بفضيلها وأول بيت العز عز القبائل فسائل أبيت اللعن عن عز قومها إذا جد يوم الفخر كل مناقل ألسنا أعز الناس قومًا ونصرةً وأضربهم للكبش بين القبائل وقائع عز كلها من ربيعةٍ تذل لها عزًا رقاب المحافل وإنا ملوك الناس في كل بلدةٍ إذا نزلت بالناس إحدى النوازل ثم قام حاجب بن زرارة التميمي فقال‏:‏ قد علمت العرب انا فرع دعامتها وقادة زحفها قالوا ولم ذلك يا أخا تميم‏.‏

قال‏:‏ لأنا اكثر الناس عديدا وانجبهم طارفا وتليدا وانا اعطاهم للجزيل واحملهم للثقيل ثم قام شاعرهم فقال‏:‏ لقد علمت أبناء خندف أننا لنا العز قدمًا في الخطوب الأوائل وإنا كرام أهل مجدٍ وثروةٍ وعزٍ قديمٍ ليس بالمتضائل فكم فيهم من سيدٍ وابن سيدٍ أعز نجيب ذي فعال ونائل فسائل أبيت اللعن عنا فإننا دعائم هذا الناس عند الجلائل ثم قام قيس بن عاصم السعدي فقال‏:‏ لقد علم هؤلاء انا ارفعهم في المكرمات دعائم وأثبتهم في النائبات مقاوم قالوا ولم ذاك يا أخا بني سعد‏.‏

قال‏:‏ لأنا ادركهم للثأر وأمنعهم للجار واننا لا نتكل اذا حملنا ولا نرام اذا حللنا ثم قام شاعرهم فقال‏:‏ لقد علمت قيس وخندف أننا وجل تميم والجميع الذي ترى بأنا عماد في البرود وأننا لنا الشرف الضخم المركب في الندى أنا ليوث البأس في كل مأزق إذا جزلت بيض الجماجم والكلى فهيهات قد أعمى الجميع فعالهم وقاموا ليوم الفخر مسعاه من سعى فقال كسرى‏:‏ حينئذ ليس منهم الا سيد يصلح لموضعه واسنى حباهم واعظم صلاتهم وأكرم مآبهم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق